ماهي البرمجيات الحرة؟

دافع عن حريتك الرقمية، وتعرف على البديل الأمثل

البرمجيات الحرة: حركة اجتماعية

تخيل لو طوّرنا آلة تمكننا من نسخ أي حذاء بلا تكلفة ولا حدود، هل يعقل أن يظل أي إنسان حافيًا؟ بل هل يعقل أن يلبس أي منا سوى أجود الأحذية؟ هذا السؤال يحمل خيالا جما، لكنه ليس بعيدا تماما عن الواقع فبفضل التقنية الرقمية صار بإمكاننا نسخ البرمجيات بلا حدود وبسرعة فائقة وبتكلفة لا تكاد تذكر. لكن -ورغم ذلك- لا يزال كثيرون يحرمون أمام أعيننا من برمجيات تهمهم وتفيدهم، بل إن من يسعى لتسخير التقنية لخدمة هؤلاء بنسخ البرمجيات وتوزيعها تسميه الشركات قرصانا سارقا، وياللعجب!
طُوِّر نظام التشغيل لينكس ليحقق غاية أخلاقية جوهرية ويحميها وهي: أن لا تُفرض قيود مصطنعة تحد من قدرة الناس على التعاون والتآزر والتكافل. لينكس جزء من حركة عالمية تسمى حركة البرمجيات الحرة وسنستعرض أدناه أهم مبادئها.

لا للهيمنة

Eye استخدام كثير من البرمجيات اليوم يتطلب الإذعان لشروط مُقيّدة تجعل غايات الشركة فوق غايات المستخدمين. لم يعد مستغربا أن يتنازل المستخدم عن نسخ برنامج لصديقه لا لأن التقنية عاجزة عن خدمة صديقه بل لأن التعاون صار جريمة. لم يعد مستغربا أيضا أن تجد في شروط استخدام البرمجيات ما يمنع استخدامها إلا لغرض معين أو لمدة محددة أو في بقعة جغرافية ما، وذلك -مرة أخرى- ليس لعجز تقني بل لغاية قاصرة تفرضها الشركات على من سواها. جاءت حركة البرمجيات الحرة لتثبت أن تلك الشروط المجحفة والقيود المصطنعة ليست لازمة لصناعة البرمجيات وتطورها فعكف المطورون على بناء أنظمة تشغيل كاملة وبرامج قوية دون أن يسعوا لأن يفرضوا على مستخدميها القيود ودون أن يمنعوا تسخير التقنية للصالح العام. يحق لكل مستخدم للبرمجيات الحرة توزيعها كيفما شاء واستخدامها لأي غرض وفي أي مكان.


نعم للشفافية

Magnify glass كيف تصمم البرامج؟ يكتب المبرمجون أوامر برمجية أشبه ما تكون بالمعادلات الرياضية المطوّلة، ثم يحوّلونها إلى أرقام مجردة حتى يفهمها الحاسوب، لكن تلك الأرقام في غاية التعقيد ولا يستطيع البشر فهمها. إذا لم يوفِّر المبرمجون المعادلات الأصلية التي كتبوها، فلن يتمكن أحد من فهم ما كتبوا، ولا مراجعته، ولا تدقيقه، ولا حتى إصلاحه إذا كان معيبًا. وهذا ما يحدث مع البرمجيات غير الحرة التي لا تنشر معادلاتها الأصلية ويحتكر مطوروها القدرة على الفهم والمراجعة والإصلاح ويطلبون من المستخدمين أن يسلّموا لهم الثقة الكاملة، وكثيرا ما تخفي ترك البرمجيات ثغرات خطيرة للتجسس والتعقب وتقييد المستخدمين. في المقابل يتيح مطورو البرمجيات الحرة جميع معادلاتهم ويشجعون الناس على فهمها ومراجعتها وتدقيقها وهذا ما جعلها آمنة جدا وخادمة لغايات المستخدمين. لا حاجة لأن تكون أنت ملما بالبرمجة لتستفيد من توفر تلك المعادلات، فمجرد إتاحتها للجميع يردع من يفكر في أن يضع فيها ما يضر المستخدمين وسرعان ما سيطلع عليها المطورون المستقلون.


لا لتضييع الجهود

Hands إذا أخفى المطورون الأوامر البرمجية فسيحرم المجتمع من القدرة على التعاون البنّاء. إذا وجد مُطوّر برنامجا ينقصه ميزة هامة فلن يكون أمامه إلا أن يتوسل للمطور الأصلي ليضيفها وإن رفض أو تجاهل الطلب فلن يكون أمامه سوى أن يمضي الأيام والشهور الطويلة يكتب برنامجا جديدا من الصفر ليضيف تلك الميزة المفقودة (وهذا يحدث كثيرا!) وعلى العكس من ذلك تمتاز البرمجيات الحرة بنموها السريع لأنها تشجع المطورين على تحسين ما أنجزه من سبقهم والاستفادة منه، وتشجع تسخير الجهود في التعاون البناء وإشاعة الفائدة بدلا من التكرار المضيع للجهود والمنافسة الهدامة. ستجد مثلا أن كثيرا من برامج مونتاج الفيديو الحرة تعتمد على ما كتبه مطورو برامج تشغيل الفيديو، وبهذا فإن تحسين أي منهما يستفيد منه الآخر سريعا.


نعم للديمقراطية

Festنعم للديمقراطية: من اللحظة التي تجلس فيها أمام حاسوبك إلى أن تغلقه أنت تتفاعل باستمرار مع البرمجيات (المتصفح ومحرر المستندات ومشغل الفيديو وغيرها)؛ ويوما بعد آخر تتسع رقعة هذا التفاعل وتزاد أهميته. لم يعد متصورا أن يتعلم الإنسان أو يتواصل مع أصدقائه أو يشارك في نقاش القضايا العامة دون أن يستخدم البرمجيات. يفترض أن يطرح هذا التحول سؤالا جوهريا: من الأحق والأولى بأن يتحكم بهذه البرمجيات ويفهمها ويحسنها ويحدد غايتها؟ تجيب حركة البرمجيات الحرة: المستخدمون! إذا لم يتمكن المستخدمون من فهم البرمجيات التي يستخدمونها ولم يتمكنوا من تدقيقها وتحسينها وصارت تفرض عليهم قيودا فقد فقدوا السيطرة على رقعة محورية وحساسة من حياتهم، وصارت تراعي غايات ضيقة لا الغايات العامة، وهذا تهديد حقيقي لسيادة الناس وحرياتهم المدنية والسياسية. تجعل البرمجيات الحرة التحكم بالحياة الرقمية في يد المستخدمين، وبذلك تحررهم من سطوة الغايات الضيقة.